سنة الكاهن من 19-6-2009 لغاية 11-6-2010
البابا يفتتح السنة الكهنوتية: الكنيسة تحتاج لكهنة قديسين
ترأس البابا بندكتس السادس عشر الجمعة صلاة المساء في البازيليك الفاتيكانية مفتتحا السنة الكهنوتية تزامنا والاحتفال بعيد قلب يسوع الأقدس والذكرى الخمسين بعد المائة لوفاة خوري آرس، القديس جان ماري فيانيي. وأمام مئات الكهنة من مختلف الأعمار ومن شتى أرجاء العالم، ألقى الأب الأقدس عظة مسهبة تحدث فيها عن أهمية الرسالة الكهنوتية للكنيسة والعالم، وقال إنها تتطلب الأمانة الكاملة للمسيح والاتحاد الدائم به والتوق المتواصل للقداسة على غرار خوري آرس شفيع كهنة الرعايا على وجه الخصوص
وكان البابا كرّم ذخائر هذا القديس العظيم في بازيليك القديس بطرس قبل ترؤسه صلاة المساء وتحدث عن قلبه المضطرم بالمحبة الإلهية داعيا الكهنة للاقتداء به، وكان تطرق لحياته أيضا في رسالته لكهنة العالم عشية افتتاح السنة الكهنوتية مذكّرا بكلماته "الكهنوت هو حب قلب يسوع" ومتمنيا بأن تشكل السنة الكهنوتية مناسبة ملائمة لإنماء العلاقة بيسوع الذي يعتمد علينا -نحن خدامه- لننشر ملكوته ومحبته، ونكون في عالم اليوم، رسل رجاء ومصالحة وسلام. ذكّر بندكتس السادس عشر بأن العهد القديم يتحدث ستا وعشرين مرة عن قلب الله ودعا للتأمل بقلب يسوع المطعون على الصليب والاستسلام الدائم للمسيح مذكرا بهذا الصدد بما جاء في رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس "الله الواسع الرحمة، وقد أحبنا حبا شديدا، أحيانا مع المسيح، وكنا أمواتا من جراء زلاتنا فأقامنا معه وأجلسنا في السموات في المسيح يسوع

وأضاف البابا قائلا: يعبّر قلب يسوع عن جوهر المسيحية الأساسي، "إن الله بلغ من حبه للعالم أنه جاد بابنه الواحد، لكي لا يهلك من يؤمن به بل ينال الحياة الأبدية"، مشيرا إلى أن قلبه الإلهي يدعو قلبنا ويحثنا على جعل ذواتنا عطية حب بدون تحفظ عبر إتباع مثله. كما وذكر الأب الأقدس بدعوة يسوع "للاستقرار في محبته" وتحدث عن أهمية التوبة والرحمة الإلهية وختم عظته بالقول إن الكنيسة تحتاج لكهنة قديسين وخدامٍ يساعدون المؤمنين على اختبار محبة الرب الرحيمة


رسالة البابا لمناسبة بدء السنة الكهنوتية في الذكرى 150 لوفاة خوري آرس


يقول الحبر الأعظم في رسالته للسنة الكهنوتية إن الكهنة عطية ثمينة للكنيسة والبشرية ويذكّر بخدمة لا تعرف التعب وبالمحبة الشاملة والشجاعة والأمانة للدعوة على الرغم من المصاعب، ويتحدث عن أوضاع ألم واضطهاد حتى شهادة الدم، ويشير بأسى لأوضاع أخرى حيث الكنيسة نفسها تتألم من عدم أمانة بعض خدامها، ويتوقف البابا من ثم عند حياة القديس جان ماري فياني خوري آرس، ويقول: كان بغاية التواضع، وأدرك ككاهن، أنه يشكل عطية كبيرة لشعبه "فالراعي الصالح راع حسب قلب الله".

يشير الأب الأقدس إلى زيارات خوري آرس المتواصلة للمرضى والعائلات وجمْع المال للقيام بأعمال المحبة والرسالة ويتحدث عن اهتمامه بتجميل كنيسته ورعاية الأيتام وتعليم الأطفال ودعوة العلمانيين للتعاون معه، ويقول إن مثال القديس جان ماري فيانيي يدفعه للتذكير أيضا بأهمية توسيع فسحات التعاون مع المؤمنين العلمانيين، مذكرا بما جاء في المجمع الفاتيكاني الثاني حول تشجيع الكهنة على إنماء كرامة العلمانيين والإصغاء إليهم عن طيب قلب واعتبار أمنياتهم والاعتراف بخبراتهم وكفاءاتهم في شتى مجالات العمل البشري. يذكّر البابا بندكتس السادس عشر بأن خوري آرس كان يعلّم أبناء رعيته من خلال شهادة حياته اليومية، ويشدد في رسالته للسنة الكهنوتية على أهمية سر التوبة ويقول إن القديس جان ماري فياني كان يقضي في بعض المرات ست عشرة ساعة في كرسي الاعتراف متمكنّا من تبديل قلب وحياة أشخاص كثيرين لأنه كان يعرف إيصال محبة الله الرحيمة، فأضحت آرس هكذا "مستشفى الأنفس الكبير"، وحث البابا الكهنة على عيش "أسلوب الحياة الجديد" الذي ميّز خدمة خوري آرس وطبع حياته، وعلى إتباع المشورات الإنجيلية، الفقر والعفة والطاعة

وفي إطار روحانية تتغذى من ممارسة المشورات الإنجيلية، دعا الحبر الأعظم الكهنة إلى ملاقاة الربيع الجديد الذي يحدثه الروح في الكنيسة لاسيما بفضل الحركات الكنسية والجماعات الجديدة، وذكّر بما قاله سلفه يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي أعطيكم رعاة حول أن الخدمة الكهنوتية تتميّز جوهريا بطابع جماعي، مشددا على أهمية الشركة بين الكهنة وأسقفهم. وفي ختام رسالته، أوكل البابا بندكتس السادس عشر السنة الكهنوتية للعذراء مريم وذكّر بأن حياة الصلاة ومحبة يسوع المصلوب غذّت عطية تقديم القديس جان ماري فيانيي ذاته لله والكنيسة، ودعا الأب الأقدس الكهنة ليكونوا في عالم اليوم -وعلى مثال خوري آرس- رسل رجاء ومصالحة وسلام.

رسالة الكاردينال كلاوديو هومس بمناسبة سنة الكهنة


ننشر في ما يلي الرسالة التي كتبها الكاردينال كلاوديو هومس، عميد مجمع الإكليروس، بمناسبة سنة الكهنة التي تبدأ الجمعة 19-6-2009. الكهنة الأعزاء،

إن سنة الكهنة التي أعلنها البابا الحبيب بندكتس السادس عشر من أجل الاحتفال بالذكرى المئة والخمسين لوفاة كاهن آرس القديس جون ماري فياني تقترب يوماً بعد يوم. سيفتتحها الأب الأقدس في 19 يونيو، في عيد قلب يسوع الأقدس واليوم العالمي للصلاة من أجل تقديس الكهنة. لقد لقي إعلان سنة الكهنة ترحيباً حاراً بخاصة بين الكهنة أنفسهم. كل واحد يريد تكريس ذاته بثبات وصدق وحماسة ليتم الاحتفال بهذه السنة على نحو واسع في العالم أجمع – في الأبرشيات والرعايا وكل جماعة محلية – بمشاركة حارة من قبل شعبنا الكاثوليكي الذي يحب كهنته ويريد رؤيتهم مسرورين وقديسين خلال عملهم الرسولي اليومي.

لا بد من أن تكون سنة إيجابية وطموحة تقول فيها الكنيسة لكهنتها أولاً ولجميع المؤمنين وكل المجتمع عبر وسائل الإعلام أنها فخورة بكهنتها وتحبهم وتكرمهم وتقدرهم، وأنها ممتنة لهم على عملهم الرعوي وشهادة حياتهم. حقاً أن الكهنة مهمون ليس فقط نظراً إلى العمل الذي يقومون به وإنما أيضاً نظراً إلى شخصيتهم. حالياً، تبين مع الأسف أن بعض الكهنة متورطون في حالات خطيرة ومؤسفة. لا بد من التحقيق في هذه المسائل ومتابعة عمليات قانونية وفرض عقوبات مناسبة. من جهة ثانية، من المهم أيضاً الانتباه إلى أن هذه المسائل تتعلق فقط بقسم محدد من الإكليروس. فالأغلبية الساحقة من الكهنة تتكون من أشخاص نزهاء مكرسين للخدمة المقدسة؛ رجال صلاة ومحبة رعوية يمضون حياتهم في تحقيق دعوتهم ورسالتهم من خلال تضحية شخصية كبيرة وإنما بمحبة حقيقية ليسوع المسيح والكنيسة والشعب، بالتضامن مع الفقراء والمتألمين. لذلك، تفتخر الكنيسة بكهنتها أينما وجدوا.

فلتكن هذه السنة فرصة تقدير كبير للهوية الكهنوتية ولاهوت الكهنوت الكاثوليكي والمعنى الاستثنائي لدعوة الكهنة ورسالتهم ضمن الكنيسة والمجتمع. وهذا ما يتطلب أوقات تأمل، ورياضات روحية حول الكهنوت، ومؤتمرات وندوات لاهوتية في كلياتنا الكنسية، وبحوث علمية ومنشورات ذات صلة. خلال إعلان السنة في الكلمة التي وجهها في 16 مارس الماضي إلى مجمع الإكليروس خلال انعقاد جمعيته العامة، قال الأب الأقدس أن الغاية من هذه السنة المميزة "تشجيع الكهنة في هذا النضال من أجل الكمال الروحي الذي تعتمد عليه فعالية خدمتهم". لذلك وبطريقة مميزة، لا بد من أن تكون سنة صلاة من قبل الكهنة، مع الكهنة وللكهنة، سنة تجديد روحانية كل رعية وكل كاهن. ومن هنا، فإن سر الافخارستيا هو في أعماق الروحانية الكهنوتية. وبالتالي فإن السجود القرباني لتقديس الكهنة والأمومة الروحية للراهبات، والمكرسات، والعلمانيات تجاه الكهنة بحسب الاقتراح السابق لمجمع الإكليروس، يمكن تنميته وليثمر ثمار التقديس.

ولتكن هذه السنة فرصة للتفكير في ظروف عيش الإكيروس نظراً إلى أنهم يعيشون أحياناً في ظل أوضاع من الفقر المدقع والضيق في أنحاء كثيرة من العالم. ولتكن أيضاً سنة احتفالات دينية وعامة تجمع الناس – الجماعة الكاثوليكية المحلية – للصلاة والتأمل والاحتفال وتكريم كهنتهم. فالاحتفال ضمن الجماعة الكنسية هو حدث عميق يعكس وينمي الفرح المسيحي، هذا الفرح الذي ينبع من الثقة بأن الله يحبنا ويحتفل معنا. لذا، فلتكن فرصة لتنمية المشاركة والصداقة بين الكهنة والجماعات الموكلة إلى رعايتهم

من الممكن ذكر الكثير من الجوانب والمبادرات التي تنمي سنة الكهنة، لكن الإبداع المؤمن في الكنائس المحلية هو المطلوب هنا. هكذا، من الجيد لكل أبرشية ورعية وجماعة محلية أن تضع في أقرب فرصة ممكنة برنامجاً فعالاً لهذه السنة المميزة. ومن المهم بدء السنة بحدث بارز. إن الكنائس المحلية مدعوة في 19 يونيو المقبل أي في اليوم عينه الذي سيفتتح فيه الأب الأقدس سنة الكهنة في روما، إلى المشاركة في افتتاح السنة من خلال أعمال واحتفالات ليتورجية. وللأشخاص القادرين على المجيء إلى روما بمناسبة الافتتاح، فليأتوا للمشاركة في هذه المبادرة السعيدة التي أطلقها البابا. إن الله سيحمي هذا العمل طبعاً بمحبة كبيرة، والعذراء مريم المباركة، سلطانة الإكليروس ستصلي لكل منكم أيها الكهنة الأعزاء.

الكاردينال كلاوديو هومس: رئيس مجمع الإكليروس


تعريف بالسنة الكهنوتية :




أصدرت دار الصحافة الفاتيكانية بياناً جاء فيه: "بمناسبة الذكرى السنوية المائة وخمسين على وفاة خوري آرس، جان ماري فياني، أعلن البابا بندكتس السادس عشر هذا الصباح إنه من 19 يونيو 2009 ولغاية 19 يونيو 2010، سيتم الاحتفال بسنة كهنوتية مميزة، حول موضوع: "أمانة المسيح، أمانة الكاهن". وسيقوم البابا بندكتس السادس عشر بافتتاح السنة في التاسع عشر من يونيو، عيد قلب يسوع الأقدس بصلاة المساء بحضور ذخائر القديس خوري آرس، ويختتمه في 19 يونيو 2010، خلال لقاء كهنوتي عالمي في ساحة القديس بطرس."واضاف البيان بانه خلال هذه السنة اليوبيلية سيعلن البابا بندكتس السادس عشر القديس جان ماري فياني "شفيع جميع الكهنة في العالم، كما وسيتم ايضاً نشر"الدليل للمعرفين والمرشدين الروحيين"، فضلاً عن مجموعة من كتابات الحبر الأعظم حول مواضيع اساسية في الحياة والرسالة الكهنوتية في عصرنا الحالي

وفي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك ، أعار السادة الاساقفة خلال انعقاد السينودس لعام 2009 (1-6 حزيران) ، اهتماما جديا "موضوع سنة الكاهن" وألفوا لجنة للاهتمام بالدعوات الكهنوتية برئاسة سيادة المطران سليم غزال، وأوصوا بما يلي: 1- يوجه آباء السينودس المقدس رسالة عامة لجميع الكهنة الملكيين حول دورهم وهويتهم ورسالتهم. 2- تقديم خادم الله الأب بشارة أبو مراد مثالا لكاهن الرعية 3- إعداد مؤتمر للكهنة. 4- إصدار بعض منشورات بشأن الدعوات الكهنوتية 5- بدء حملات منظمة ومخطط لها خصوصا في الحركات الرسولية والمدارس الثانوية والجامعات في البلاد العربية وبلاد الانتشار لحث الطلاب على دراسة اللاهوت والانخراط في سلك الكهنوت.


الكاهن المقبول المطران جورج خضر




الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية لم تنشئ كليات لاهوت إلا في القرن السابع عشر عندما لاحظت أن القسس الإنجيليين يعرفون الكتاب. قبلاً كان المدعوّ الى القسوسية يتدرب عند كاهن الرعية فيعلّمه العبادات وما كان يعطيه فكرا. فهمنا بفضل البروتستنتية أن القس عندنا حامل لاهوت اذ تقول الرسامات انه "خادم الكلمة". فظهرت، اذذاك، مدارس تنقل الكلمة موزّعة على مواد مختلفة: العقائد، الآباء ، العبادات، تاريخ الكنيسة، الرعاية وما إلى ذلك. غير أن الكنائس ما كانت كلها مهيّأة للقيام بهذا التعليم اذ كان يعوزها من يعرف هذه العلوم و/ أو كانت فقيرة. وسرعان ما فهمنا أن التقوى أساس هذه العلوم وأن شخص المدعو الى الخدمة ينبغي ان يكون ورِعًا ورساليًا. قبل بلوغ عتبات اللاهوت يكون هذا الشاب قد أنهى دراسته الثانوية على الأقلّ، والأعظم فائدة أن يكون قد أكمل دراسة جامعية وقد يعرف فيه شيء من سلوكه. واذا أكمل كلية اللاهوت على مختلف درجاتها (الإجازة الحد الأدنى) يعطى شهادة تفيد عن مستواه النظريّ وذكائه ويرفق بها تقدير الأب الروحيّ الذي يفيد عن قابليّته للكهنوت فإذا لم يُعطَ هذه الإفادة يكون باب الكهنوت مغلقًا دونه.

هذا لا يعني حتما أن الأسقف يقبله في مصفّ القساوسة. حكم المطران في أهلية هذا المجاز للكهنوت هو الأخير. والمطران له أن يستبقي عنده هذا المجاز في اللاهوت أو يرسله الى دير يتروّض فيه لفترة أو بحسب عرف الكنائس الشرقية أو حقّها القانوني يطلقه الى الزواج اذا قرّره الفتى ويحكم بعد زواجه بفترة إن كان مستعدا لاقتبال الكهنوت. قبل هذا التنظيم العلميّ والتأهل الروحيّ كانت الرعية في بعض الكنائس تقدّم للأسقف من ترى فيه خصالاً حميدة. يبقى بحسب القوانين القديمة أننا لا نستطيع أن نفرضه على رعية تعرفه وتأباه. ولكن بعد إنشاء المعاهد اللاهوتية العليا أخذ الأسقف يعرض على الرعية من رآه مستحقًا فتقبله فعليا. على رغم كل هذه الشروط قد يخطئ الأسقف الخيار. عندذاك، يرعى الكاهن بمحبته ورقابته والقانون الكنسيّ بعد أن تمّ الخيار. هذا هو الإطار وهذا هو التدبير لشعبنا.

أمام هذه الآفاق بقي المسيحيون يصرّون على نقاوة الكاهن وطهارة سلوكه عند مجيئه. هذا أمر قد يتضح كثيراً عند اقتبال الرجل واندراجه في مصف أترابه. وهذا لا مزاح فيه على الإطلاق لأن الكاهن يقول لرعيته قول بولس: "تَشبّهوا بي كما أتشبّه انا بالمسيح" ( 1كورنثوس 1:11). هذا هو الراهن أن الكاهن السيئ يُفسد الرعية أو بعضاً من الرعية لأن المتألهة نفوسهم وعقولهم لا يؤذيهم أحد. لكن المغامرة لا تجوز إن أحسسنا على صعيد أخلاق الرجل أن ثمة مغامرة. إن وجب على كنيسة الأرض أن تكون على صورة كنيسة السماء اي مغذّاة بالحياة الأبدية فرفض المرشح السيئ أبسط هدية يقدّمها للرعية راعيها. فالكثيرون يحكمون على الكنيسة من رؤيتهم لرعاتها والبعض يتركون الصلاة بسبب من القيّمين عليها. تَشدّد الأسقف عند الرسامة هو الضمان الوحيد لاختيار انسان وقور والوقوف أمام الضغوط التي تمارسها فئات عديدة وأهمها السياسيون.

هذا لا يعفي الرئيس الروحي من تقوية الكاهن عند ضعفاته. كل منا في حاجة الى من يشدّده في الإيمان وفي حياة الصلاة، في النضال من أجل اكتساب الفضائل الإنجيلية. ويبقى كلّ منا في جهاده حتى يقبضه الله في رحمته. غير أن حياة الصلاة في الكاهن لا تُغنيه عن المعرفة. هنا لا أتكلم على الذوق الإلهي الذي ينسكب علينا من أداء العبادات. فنصوصها لمن مارسها سنين طولى ينبوع حياة ولكن لا شيء يحرّرك من دراسة الكتاب الإلهي والتراث دراسة جديّة. "اعكف على القراءة حتى مجيئي" (1 تيموثاوس 13:4). واذا كانت المعرفة الكبرى وزنة سلّمها الله الينا لننير بها الناس فنُسأل عنها في يوم الدين.

القول إنه يكفينا كاهن "طيّوب"، مفتقد للعائلات وقائم بالخدمة الإلهية قول يُبطن أننا لسنا في حاجة الى أن نعلم كل ما يمكن علمه. آن الأوان ليفهم شعبنا أن الإيمان يحتاج الى توضيح والى أن نعقله لندافع عنه بالفم كما نشهد له بالحياة الطاهرة. اجل ليس من انسان في العالم قرأ كل كتب آبائنا، وليس من كاهن رعية عديلاً لأي كاهن آخر في المعرفة، ولكن ثمّة معلومات أساسيّة يطلبها المؤمن بحسب قول بطرس: "كونوا مستعدّين لمجاوبة كل واحد على رجاء الثقة التي فينا" (1بطرس 15:3). غير أن كل مطّلع من القسس يعرف زميلا له أكثر اطّلاعاً على بعض المواد. لذا لا بد من المشاركة بين العارفين. غير أن من تغاضى عن الأساسيات لا يقدر ان يواجه العلمانيين بما يطلبونه من هذه الأساسيات.

وهنا لا فرقا بين كاهن المدينة وكاهن قرية صغيرة اذ صارت القرى عندنا مدنًا مصغّرة فيها مثقفون. تأسيساً على هذا عندنا اليوم في الكنائس كهنة حملة دكتوراه في كل مكان. ولا نرى أحداً منهم يستعلي بسببٍ من علمه. والثقافة الدينيّة عند المسؤولين تتطلّب من الكاهن مطالعة دائمة. الكاهن انسانٌ قَرّاء على مدى الحياة ليس فقط ليفرح ولكن ليعطي. وما يوجب ذلك بنوع خاص أن الكاهن واعظ احترافا. والموعظة حتى لا تكون رتيبة تتكرر هي اياها في الموسم ذاته تضطرّك الى أن تغذّي فحواها بما تُطالع في كل مجالات الإلهيات مع التأكيد أن كتب التفسير الكتابي هي السلاح الدائم للخطيب. أجل هذا يقتضي ان تقوم بالتفسير بما يقتضيه الموقع والعصر. الكاهن الوقور المُحب لشعبه يطمح الى القداسة والمعرفة معاً حتى يبقى ينبوعاً زاخرًا لهؤلاء الذين أُوكلوا اليه ليصيروا على صورة المعلّم الإلهي.

جريدة النهار اللبنانية- -موقع ابونا





































































Copyright ©2004جميع الحقوق محفوظة كنيسة مار الياس فسوطة