عيد ارتفاع الصليب الكريم المحيي

*********ملف عن - عيد الصليب-**********

معنى العيد:

نُقيم اليوم عيدًا احتفاليا لرفع صليب سيدنا يسوع المسيح. لقد كان الصليب سابقًا إسمًا للقصاص الشديد. اما الآن فهو اسم للفخر والاحترام. كان الصليب سابقًا أداة للعار والعذاب، فأصبح اليوم أداة للمجد والشرف. وهذا ما نتأكده تمامًا من كلام سيدنا يسوع المسيح الذي أسمى الصليب مجدًا

إن صليب يسوع المسيح رأس خلاصنا ونبع الخيرات التي لا توصف. بواسطة الصليب حُسبنا في عداد خراف الله نحن المنبوذين سابقًا، وخرجنا من الضلال، وعرفنا الحقيقة. بواسطة الصليب عرفنا مخلص الكل نحن الذين كنا نعبد الأشجار والحجارة. بواسطة الصليب توصلنا الى حرية الصلاح نحن عبيد الخطيئة سابقًا. الصليب أنارنا نحن الجالسين في الظلمة. الصليب حررنا من الأسر. الصليب صيرنا جنودًا في السماء نحن الغرباء. هذه الخيرات كلها قدَّمها لنا الصليب. إذن يحق أن نقيم له عيدًا احتفاليًا.يقول الرسول بولس "فانه قد ذبح فصحنا المسيح" (۱ كورنثوس ٥: ٧). على الصليب قدمت الذبيحة، وحيث الذبيحة تكون مغفرة الخطايا، هناك المصالحة مع السيد، هناك العيد والسرور. فالحق أن الصليب هو عيدنا وسرورنا لأن فصحنا المسيح قد ذُبح عليه.

قصة وجدان الصليب المقدس

في عام326 م, ارادت الملكة هيلانـة أن تعرف مصير الصليب المقـدس , الذي صلب عليه المسيح له المجد , حيث رأت في منامها حلماً , أنبأها بأنها هي التي ستكشف عن الصليب وقد شجعها ابنها الإمبراطور قسطنطين , على رحلتها إلى اورشليم, وأرسل معها قوة من الجند قوامها ثلاثة آلاف جندي ليكونوا في خدمتها , وتحت طلبها , وهناك في أورشليم اجتمعت بالبطريرك مكاريوس, البالغ من العمر ثمانين عاماً وأبدت له وللشعب رغبتها , فأرشدها إلى رجل طاعن في السن , من أشراف اليهود ويسمى يهوذا , وكان خبيراً بالتاريخ والأحداث , والأشخاص, وبالأماكن فاستحضرته الملكة وسألته عن . صليب المسيح فأنكر في مبدأ الأمر , معرفته به , وبمكانه فلما شددت عليه الطلب وهددته ثم توعدته إن لم يكاشفها بالحقيقة , فاضطر إلى أن يرشدها إلى الموضع الحقيقي للصليب , وهو كوم الجلجثة بالقرب من معبد فينوس, وهو بعينه المكان الذي تقوم علية الآن كنيسة القيامة في اورشليم

أمرت الملكة هيلانة في الحال بإزالة التل , فانكشفت المغارة وعثروا فيها على ثلاثة صلبان , وكان لابد لهم أن يتوقعوا أن تكون الصلبان الثلاثة : هي صليب المسيح يسوع , وصليب اللص الذي صلب عن يمينه , وصليب اللص الذي صلب عن يساره وقد عثروا كذلك على المسامير , وعلى بعض أدوات الصلب , كما عثروا على اللوحة التي كانت موضوعة فوق صليب المخلص , ومكتوب عليها – يسوع الناصري ملك اليهود – ويبدو أن هذه الصلبان الثلاثة كانت في حجم واحد , وشكل واحد , أو متشابهة , حتى أن الملكة ومن معها عجزوا عن التعرف على صليب المسيح يسوع من بينها وبعد ذلك استطاعت الملكة بمشورة البطريرك مكاريوس أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت الصلبان الثلاثة , الواحد بعد الآخر , على جثمان ميت , فعندما وضع الصليب الأول والثاني لم يحدث شيء، وعندما وضع الصليب الثالث، عادت للميت الحياة بأعجوبة باهرة، وبعد ذلك وضعوا الصليب على إمراة مريضة فشفيت في الحال، عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين وهم يرتلون ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، ثم رفعت القديسة هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجلة

وتكريماً للصليب المقدس , غلفته بالذهب الخالص , ولفته بالحرير , ووضعته في خزانة من الفضة في أورشليم وشهد بذلك أيضاً أمبروسيوس رئيس أساقفة ميلانو في سنة القديس يوحنا ذهبي الفم وغيرها من أباء الكنيسة، وايضا أرسلت القديسة هيلانة قسماً من الصليب والمسامير إلى قسطنطين وأبقت القسم الباقي في كنيسة القيامة التي امر الملك قسطنطين ببناءها في نفس موضع الصليب على جبل الجلجثة، وسميت بكنيسة القيامة (وتسمى كنيسة القبر ايضا) ووضع فيها الصليب المجيد، وهي لا تزال موجودة الى يومنا هذا. (وقد عمل احتفال التدشين لمدة يومين متتاليين في 13 و 14 ايلول سنة 335 في نفس ايام اكتشاف الصليب

وفور عثور الملكة على الصليب أمرت القديسة هيلانه بأشعال النار من قمة جبل إلى آخر لكي توصل خبر وجدانها للصليب لابنها الأمبراطور قسطنطين في القسطنطينية، إذ كانت النار هي وسيلة التواصل السريع في ذلك الزمان عندما كانت وسائل المواصلات والاتصالات بدائية وبطيئة. وهذا هو السبب في اشعالنا النار في هذا العيد حيث.

بقي العود الكريم في كنيسة القيامة حتى 4 أيار سنة 614، حيث أخذه الفُرس بعد احتلالهم المدينة المقدسة وهدمهم كنيسة القيامة. وفي سنة 628 انتصر الامبراطور هرقليوس على كسرى ملك فارس وأرجع على كتفه العود الكريم وسار به في حفاوة إلى الجلجلة، وكان يرتدي أفخر ما يلبس الملوك من ثياب، والذهب والحجارة الكريمة في بريق ساطع. إلا أنه عندما بلغ إلى باب الكنيسة والصليب على كتفه، أحسّ قوة تصدّه عن الدخول. فوقف البطريرك زكريا، وقال للعاهل: حذارِ أيها الامبراطور! إن هذه الملابس اللامعة وما تشير إليه من مجد وعظمة، تبعدك عن فقر المسيح يسوع، "ومذلّة الصليب". ففي الحال، خلع الامبراطور ملابسه الفاخرة وارتدى ملابس حقيرة وتابع مسيره حافي القدمين حتى الجلجلة، حيث رفع عود الصليب المكرّم، فسجد المؤمنون إلى الأرض وهم يرنِّمون: "لصليبك يا سيّدنا نسجد، ولقيامتك المقدسة نمجّد".

في كنيسة القيامة اليوم يكرّم الموضع الذي وجدت فيه القديسة هيلانة الصليب الكريم. وهذا الموضع كان في عهد السيد له المجد حفرة كبيرة في الأرض، ردمها مهندسو قسطنطين الملك وأدخلوها في صميم الكنيسة الكبرى بمثابة معبد، هو في الواقع مغارة كبيرة تحت سطح الأرض. في القرن السابع نقل جزء من الصليب الكريم إلى رومة، وقد أمر بعرضه في كنيسة المخلّص، ليكون موضوع اكرام المؤمنين، البابا الشرقي سرجيوس الأول (687- 701). إن لعيد الصليب الأهمية الكبرى والمحل الممتاز في سلسلة الأعياد على مرّ السنة الطقسية، سواء في ذلك الشرق والغرب. هو تجديد ليوم الجمعة العظيمة في أسبوع الآلام. غير انه بينما يعيش المؤمنون في يوم الجمعة العظيمة ذكرى الفداء بدم المسيح وموته على الصليب، بوصفه حدثاً تاريخياً، ينظر المؤمنون اليوم إلى الصليب محاطاً بهالة المجد والغلبة، مجد المسيح والمسيحية، وغلبتهمَا، عبر التاريخ، على قوى الشرّ.

اقوال في الصليب

الصليب هو حياتى فلا حياة إلا من خلال الصليب

سيظل يسوع فاتحاً ذراعيه باستمرار لأنه يريد نفسى التى مات عنها لكى يحتضنها .

ليس الصليب مكاناً للعدل الإلهى فقط ولكن مكاناً للحب حتى الموت .

كان الصليب فى مظهره الخارجى تعبيراً عن ظلم العالم ، أما من الداخل فالصليب كله سرور وحب وتسليم للآب لأجل خلاص العالم

الصليب هو المنارة التى أوقد عليها المسيح نور العالم ،الذى من قبله صرنا نوراً للعالم .

إن الذى يسير مع يسوع حتى الصليب يستحق أن يأخذ العذراء أماً له

من فقد صليبه فقد مسيحيته .

بقدر ما يزداد تأملنا فى الصليب بقدر ما تتعمق شركتنا ومعرفتنا للرب يسوع

نفس بلا صليب كعروس بلا عريس

الصليب سلاح النفس الطاهرة

متى نرسم إشارة الصليب ولماذا؟

نرسم إشارة الصليب عندما نشكر، على عبارة المجد للآب والابن والروح القدس. نرسم إشارة الصليب عندما نأكل وعندما نشبع، بعد الاستيقاظ وقبل النوم، عند الخروج من المنـزل وعند الدخول إليه. قبل الدرس وبعده... وقد تترافق إشارة الصليب في حياتنا اليوميّة مع أغلب التصرّفات، والحركات، والكلمات، وليتها ترافقها كلّها، فتباركها وتنقيها وتصفيها. ونرسم إشارة الصليب في الخِدَم الليتورجية، في الزواج، عند الإكليل، فنرسم بالأكاليل الصليب، وتُعطَى البركة في كلّ خدمة بإشارة الصليب، فيُبارك الماء وكلّ عنصر ليتورجيّ من نبيذٍ وخبزٍ وغيره بإشارة الصليب... إشارة الصليب باختصار هي نداء لاستدرار النعمة الإلهيّة

ما نستنتجه إذن، من كلّ الحوادث في العهد القديم التي رسمت بها إشارة الصليب، كما ورد سابقاً، ومن رسم إشارة الصليب في حياتنا اليوميّة وحياتنا الليتورجيّة المسيحيّة، هو أنَّ إشارة الصليب هي أولاً برقٌ يسبق رعدَ النعمة الإلهيّة وحضور قوّتها. وثانياً أنَّ رسم إشارة الصليب يتوسّط واقعَين: الأوّل هو الواقع القديم، والذي هو كما رأيناه في كلّ تلك الأمثلة، واقعَ خوفٍ أو حاجة، أو عطش، أو تعب، أو خطيئة أو إلخ... أي واقعَ الإنسان القديم. أمَّا الواقعُ الثاني يأتي بعد رسم إشارة الصليب فهو واقعُ الإنسان الجديد المرتوي بدل العطشان، والقوي بدل الضعيف، إنّه واقع النعمة التي تكمُلُ في ضعفنا

إشارة الصليب حدث يستدر النعمة الإلهيّة نستخدمها لقلب واقع قديم إلى حدث جديد. إشارة الصليب طعنة موجهة إلى إنساننا القديم، ونفخةُ حياة لقيامة إنساننا الجديد بالمسيح. إشارة الصليب انقلاب تحقّقه النعمة الإلهيّة التي طلبناها حين نرسم إشارة الظفر هذه.