1- العادات الدينية الشعبية- 2- المعنى الروحي للميلاد

(المواد من الأب ميخائيل عاصي)

سبب تجسد المسيح:

متى 21:1 "وستلد ابنا فسمه يسوع, لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم" . كان الهدف الرئيسي من تجسد ابن الله يسوع المسيح, هو خلاص البشرية وتحريرهم من الخطيئة ومصالحتهم مع الله. ولهذا أوصى ملاك الرب في كلتا بشارتيه لمريم ويوسف بأن يسميان "يسوع" أي المخلص.
الخطيئة هي معصية وصايا الله والتمرد عليها, فأصبح من الضروري أن يتجسد الاله كي يؤله الانسان ويجعل المصالحة حقيقية بين الجسدالبشري والاله غير المنظور, مصالحة بين الانسان والله, بين الجسد والروح الحقيقية.
ان التجسد الالهي يعني صيرورة الله بشرا مثلنا, ان الكمال الالهي صار بشرا, القداسة اللامتناهية ظهرت في شكل محسوس لأعين البشر لتحضهم وتعلمهم كيف يسلكون أمام الله أبيهم.

المغارة ومعناها اللاهوتي:

ليس من الاكيد ان تكون هناك مغارة للميلاد, لكن العادات الشعبية نقلت لنا مكان الولادة,المغارة, ممكن ان يكون بيتا قديما, وممكن ان يكون اسطبلا, ان الانجيلي الوحيد الذي يذكر الموقع هو متى 11:2, اذ يذكر دخول المجوس الى البيت حيث رأوا الطفل مع أمه مريم.
المغارة هي قلب كل واحد منا, الذي يجمع اوساخ العالم واقذار الخطيئة,أتى المسيح وولد في هذه المغارة دلالة على نزوله الى أعماق الانسان ليرفعه ويجعله قريبا من الله.

المذود,الأقماط ومعناهما اللاهوتي:

لنرى الترتيب الهندسي لوضع المولود:
1. ان المولود داخل الاقماط في قلب المذود,وعلف البهائم.
2. المذود الذي احتضن المخلص في قلب المغارة.
3. المغارة في بطن الارض.
كل هذا ماذا يعني لنا؟
هذا يعني,انه من اسفلاسافل الارض ومن هذا الحضيض سيقوم المسيح ليخلص العالم من الخطيئة. واذا ذهبنا الى زمن الفصح, حيث يموت المسيح ليتمم سبب مجيئه, فنجد ان الخلاص اتى من ذلك القبر الذي احتضن الجسد الطاهر كما احتضن المذود جسد المولود الجديد, والاكفان التي لف بها السيد المسيح هي تلك الاقماط التي لفت جسد الطفل, والقبر الموجود تحت الارض يمثل المغارة التي قبلت المولود من اجلنا.
ان مولد المسيح هو بعينه ميلاد الانسان الاول قبل الخطيئة, وموته هو موت واحد عن الشعب الخاطىء.
المذود هو القبر والاقماط هي الاكفان, فمنذ مولده هو جاهز للموت.

الرعاة-الحيوانات(البقرة والحمار),المعنى اللاهوتي:

لوقا 2\10-11 "لا تخافوا, ها اني ابشركم بفرح عظيم يكون فرح الشعب كله, ولد لكم اليوم مخلص في مدينة داوود,وهو المسيح الرب".
يخبرنا النص النجيلي ان لكل طبقة حياتها الخاصة, فالفقير يعيش في بيئة فقيرة والغني في بيئته الغنية, ومولد المسيح أتى ليكسر كل هذه الحواجز الاجتماعية,ان هذا الطفل, الاله المتجسد الذي له كل الالهيات يتواضع ويخبر الرعاة اولا الذين هم من فقراء الشعب, اذ رأى الرعاة في ظهوره العهد الجديد الذي عقده بين السماء والارض, ان ابسط الناس ينظرون الملكوت المتجسد قبل الاغنياء, هؤلاء هم فقراء القلوب ومنكسرو القلوب,وليسوا اغنياء السلطة.
ان التقليد الكنسي يبين لنا في ايقونة الميلاد حمارا وثورا (بقرة) بجانب المذود ينفخان على المسيح ليدفآه, فما هو المعنى اللاهوتي لهذين الحيوانين؟ الحمار: يمثل الانسان العبد الذي لا يعرف صاحبه, اي الذي من الممكن ان ينكر صاحبه بكل سهولة- وايضا يعبر عن الشعب الوثني الذي لا اله له. الثور (البقرة): هو الانسان الذي يعرف صاحبه ولا ينكره- يعبر عن الشعب اليهودي.
نستنتج من هذا ان المسيح بعد ان جمع بين اغنياء وفقراء وساوى بينهم نراه يجمع بين اوثان وشعب ديني موحد, ويوحدهما تحت سقف واحد, يجمعهما كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها.

الزرع امام المغارة:

الزرع هو عطاء الارض, ودور الانسان هو ان يتولى هذا الزرع فهو الذي يحفظ كل انواع النباتات من الطوفان وهذا الزرع يعتبر رمزا للزرع الالهي, اذ نشبه عمل الخالق بعمل الزارع, فالله بارك آدم وجعله خصبا, وتستعمل كلمة " زرع " للانسان للدلالة على الذرية والنسل والنسب والعرق.
فالبذور من قمح وعدس وفول وحمص رموز تضعها العائلة المسيحية لتدل الى كلمة الله وكلمة الحياة.
فالمعنى الديني للبذرة التي يجب ان تموت في الارض كي تعطي ثمارا, كالمسيح بذرة الحياة الجديدة الذي سيموت ويدفن في الارض ليعطي الحياة لجميع العالم.

المجوس والنجم ومعنى الهدايا:

ذكرهم متى في انجيله في 1:2, كان المجوس حكماء وعلماء ووجهاء في الامم الوثنية, جاؤا من بعيد ليؤدوا واجب التكريم للمسيح المخلص الموعود. وكان يطلق هذا الاسم في بابل وآشور من بلاد ما بين النهرين وفارس, هم علماء يتمتعون بمكانه رفيعه في بلاط الملوك الكلدانيين لتعاطيهم علم الفلك والتنجيم, وكثيرا ما كان الملوك يستشيرونهم لاستطلاع وجه المستقبل وتفسير الاحلام. المجوس, القائمون هناك على ترصد حركات النجوم لمعرفة مولد هذا المسيح المنتظر الذي عرفوا مجيئه من كتب الانبياء. ولما كانوا على قسط كبير من الاستقامة وبرارة النفس ادركوا من خلال ظهور نجم غريب ستتبعه استنتارة داخلية نازلة من العلاء ان الله يدعوهم للشخوص الى اورشليم حاضرة اسرائيل لاستجلاء الخبز وتقديم فريضة التكريم والسجود .
ان قضية ظهور النجم للمجوس تحتاج الى تفسير وتعليل. فكلمة " نجمة " (متى 2:2) تشير الى الاعتقاد السائد ان لكل طفل يولد في ظروف فلكية معينة نجما خاصا.
ان التفاؤل بالنجم يتحدد عند طلوعه وقت ولادة الطفل, هذا يؤكد لنا انه حتى علماء التنجيم يخضعون ويسجدون لهذا الحدث التاريخي, ميلاد السيد المسيح, فهذا الطفل يفوق كل تنجيم.
ان الهدايا التي قدموها هي هدايا رمزية للدلالة على عظمة المولود- البخور الذي قدموه دلالة على تأله هذا الطفل- المر دلاله على الحياة الصعبة التي سيواجهها في حياته- الذهب دليل على ان الطفل غير كل الاطفال لانه في مولده ظهر النجم, فهو طفل محظوظ ومن رتبة الاسياد والملوك.